بسم  الله الرحمن الرحيم

                                     دور اليهود في المسيحية

المراد باليهود في هذه الكلمة أولئك الذين كفروا بالمسيح عليه السلام أيا كان أصلهم العرقي ، هم ونسلهم من بعدهم .فهؤلاء يعتقدون في التلمود أكثر مما يعتقدون في النبوات التي أرسلت لبني إسرائيل ، حتى في صورتها  الحالية . والتلمود هو ما كتبه أحبارهم على مر العصور ، خاصة في فترات الشتات .وقبل أن نبدأ في دراسة هذا الموضوع من المفضل أن نتعرف على بعض ما ورد في التلمود :

   ·   من حق اليهودي أن يقتل بيديه غير المؤمنين ، لأن الذي يهرق دماء غير المؤمنين يقدم قربانا لله.

   ·   أقتل الصالحين من غير اليهود .

   ·   عيسى الناصري في الجحيم ...أنجبته أمه من الزنى مع باندرا .

   ·   عيسى المسيح ارتد عن دين اليهود وعبد الأصنام .

   ·   الذي يرتد عن دين اليهود لابد أن يعامل كالغرباء ، ويجب قتله إلا إذا كان يعمل هذا لخداع غير اليهود، ويعطيهم وهما أنه يدين بدينهم.

   ·   علينا أن نعطي بناتنا الجميلات للزواج من الملوك ، والوزراء والرؤساء والعظماء ، وأن نضع أبناءنا في الأديان المختلفة ، وأن تكون لنا اليد العليا في الحكومات وأعمالها ، أن نثير البلبلة ..حتى يقاتلون بعضهم بعضا.

أحد المتبعين الحقيقيين لهذه التقاليد الحاخام ريتشورن ألقى خطابا سريا في سنة 1869 ، ولكن السير جون ريدكليف أذاعه ، يقول فيه “ لقد قيل أن بعضا من إخواننا اليهود دخلوا المسيحية .ماذا يضرنا في ذلك؟ فهؤلاء الذين عمدوا بالجسد ستبقى أرواحهم يهودية ، وسيصبحون كقناديل لاكتشاف المسيحية وسيساعدوننا على صنع خطط لتدمير المسيحية .الكنيسة هي عدونا الخطير لذا دعونا نستفيد من اخوتنا الذين ادعوا أنهم مسيحيون ، لنفسد الكنيسة ولنصنع صراعات .. بين المسيحيين ..”.

المثال القديم لهؤلاء المسيحيون المزيفون هو بولس ، والذي كان له دور مهم في العقائد المسيحية .فلنحاول أن نتعرف عليه من كلماته ، وما كتب عنه .

كان بولس يدعى شاول وهو من طرطوس ، وقد شارك في تعذيب المؤمنين الأوائل بالمسيحية ( أعمال الرسل 7: 59 ، أعمال الرسل 8 :1 ـ 3 ، أعمال الرسل 9 :1،2 ).وقد أصبح أعمى بعد أن رأى ضوءا مبهرا ؛ وقد شفي وآمن على يد حنانيا (أعمال الرسل 9 :11 ـ 19 )(وهو اسم رئيس كهنة اليهود) .وهو ما يجعلنا نفكر هل هو نفس الشخص أم شخص آخر؟ هل كان عماه حقيقيا أم كان ادعاءا ليستطيع التجسس على تلاميذ المسيح؟ لقد خاف منه التلاميذ ولكن برنابا أقنعهم بقبوله(أعمال الرسل 9 :26، 27 ).وبشّر بولس وبرنابا بني إسرائيل فقط كباقي التلاميذ( والذين كانوا يسمون آنذاك يهودا ، قبل تسميتهم ناصريين )( أعمال الرسل 11 :19 ، أعمال الرسل 13 :5 ، 43). وقد رفضهم اليهود ومن ثم قرروا أن يبشروا الأمميين (أعمال الرسل 13 : 46 ـ 50 ). وفي بلدة لسترة ظن الأمميون (الأميون هم من ليسوا من بني إسرائيل ) أن برنابا هو زوسا وبولس هيرمس لأن الأخير هو المتحدث .(أعمال الرسل 14: 11 ـ 14 ) ـ ويعني هذا أن تبشير الأمميين كانت فكرة بولس ـ وقد أقنعوا هؤلاء الأمميين بقولهم "أيها الرجال لماذا تصنعون هذا إنما نحن بشر تحت آلام مثلكم ونحن نبشركم بأن ترتدوا عن هذه الأباطيل إلى الله الحي الذي صنع السماء والأرض والبحر وكل ما فيها ... متفضلا من السماء رازقا أمطارا وأزمنة مثمرة ومالئا قلوبنا طعاما وسرورا "(أعمال الرسل 14 :14 ـ16 ) . ونلاحظ أنهما كانا يبشران بالله الحي الخالق الذي لم ولن يعاني الآلام ولا الموت .

ومن أعمال الرسل 15 :1 ،2 و 21 ـ 24 نعلم أن بولس كان معترضا على الختان ، وأنه اعتبر بطرس وبرنابا مرائيان ( غلاطية 2 :11 ـ 14 )، وأنه كان لديه إنجيل الغرلة ، وأنه كان لدى بطرس إنجيل الختان ( أين هو إنجيل بطرس سواء كان إنجيل ختان أم غيره ؟) (غلاطية 2 :7 ).

وقد تم عرض المشاكل التي تسبب فيها بولس على التلاميذ والشيوخ حيث قال يعقوب ".. فلذلك أحكم بألا يثقل على من يرجع إلى الله من الأمم. وبأن يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنى والمخنوق والدم " (أعمال الرسل 15 :19 ،20 ).

وفي أعمال الرسل 15: 39 أنه حدث خلاف كبير بين بولس وبرنابا انفصلا على إثره . والأسباب الحقيقية مذكورة أعلاه .

لم يقف بولس عند هذا الحد بل إنه بشر شعب إسرائيل بالغلفة وبعدم إتباع التقاليد وقد منعه الشيوخ (أعمال الرسل 21 :21 ـ27 ). ولقد لعن الشريعة وحقّرها " ومع ذلك لعلمنا بأن الإنسان لا يبرر بأعمال الناموس بل إنما بالإيمان بالمسيح لا بأعمال الناموس إذ لا يبرّر بأعمال الناموس أحد من ذوي الجسد "( غلاطية 2 : 16 )، لا أرفض نعمة الله لأنه إن كان البر بالناموس فالمسيح إذن مات باطلا "(غلاطية 2 :21 )" فالذي افتدانا من لعنة الناموس هو المسيح الذي صار لعنة لأجلنا بحسب ما كتب ملعون كل من علق على خشبة "(غلاطية 3 :13 ).

كما اعتبر بولس كل الأطعمة طاهرة ( رومية 14 :20، تيموثاوس 1 :3 ،4 )،وهو يمنع أيضا إتباع الشريعة في المواقيت والأعياد والأهلة ( القمر الجديد حسب الترجمة الحرفية لنسخة الملك جيمس )والسبوت " فلا يحكم عليكم أحد في أكل  أو شرب أو من جهة عيد أو هلال  أو سبت "(كولوسي 2 :16 ).

وطبقا لمتى 10 :5 " وهؤلاء ألا ثنى عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا . بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ". وطبقا لمتى 15 :24 "فأجاب وقال لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " هذا ما قاله المسيح فأيهما أولى بالإتباع المسيح أم بولس ؟

ولم يحطم المسيح الشريعة بل إنه اتبعها بنفسه فقد اختتن (لوقا 2 :21 ،24 ) . وقد أمرت والدته بحفظه من اللحوم النجسة والمسكرات (لوقا 2 :39 ).كما ورد قوله في متى 5 :17 " لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل ". كما قال "إن الكتبة والفريسيين جالسون على كرسي موسى .فمهما قالوا لكم فاحفظوه واعملوا به وأما مثل أعمالهم فلا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون .لأنهم يحزمون أحمالا ثقيلة شاقة الحمل ويجعلونها على مناكب الناس و لا يريدون أن يحركوها بإحدى أصابعهم . كل أعمالهم يصنعونها رئاء أمام الناس ..."(متى 23 :2 ـ7 )، "الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون فإنكم تغلقون ملكوت السماء في وجوه الناس فلا أنتم تدخلون ولا الداخلين تتركونهم يدخلون ..."(متى 23 :13 ـ33 ). ومن الواضح إذا أن ما كان يأخذه علىالكهنة والكتبة والفريسيين (رجال الدين اليهودي آنذاك ) هو النفاق ، وأنهم لم يعلموا الناس المعنى الحقيقي للشريعة ،والذي جعل بعض الناس يظنون أن الله يأكل لحوم القرابين ، وجعل الفقراء يدفعون الصدقات للكهنة بدلا من أن ينفقوا على آبائهم ... وهكذا .

وهكذا فإن ما فعله بولس من مشاكل من لاشيء حتى يحارب الناصريون بعضهم بعضا تتفق تماما مع وصايا التلمود الذي وضعه كهانهم وشيوخهم .

وقد اتهم بولس بطرس وبرنابا بالرياء (غلاطية 2: 11 ـ14)، وينبغي أن نسأل أنفسنا من هو المنافق هو أم بطرس وبرنابا؟ والإجابة سهلة حيث يصف بولس نفسه في قوله "وصرت لليهود كيهودي لأربح اليهود . وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس مع أني لست تحت الناموس لأربح الذين هم تحت الناموس وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس مع أني لست بلا ناموس الله بل أنا تحت ناموس المسيح لأربح الذين بلا ناموس "(كورنثوس 1 :20 ـ 21 )،" كونوا بلا عثرة لليهود واليونانيين ولكنيسة الله . كما أنا أيضا أرضي الجميع في كل شيء "(كورنثوس الأولى 10 :32 ،33 )،وفي أعمال الرسل 23 :6 " ولما علم بولس أن قسما منهم صدوقيون والقسم الآخر فريسيون صاح في المحفل أيها الرجال الاخوة أنا فريسي ابن فريسي .. فلما قال ذلك وقع اختلاف بين الفريسيين والصدوقيين وانشقت الجماعة" .

كيف تصفون رجلا كهذا ؟ إنه قمة من قمم النفاق .وألا ترون إذن أنه يهودي حقيقي يتبع حرفيا التقاليد اليهودية ؟

ودور بولس في المسيحية دور معروف للدرجة التي جعلت دائرة المعارف الفرنسية تعتبر أن المسيحية يجب نسبتها له لا للمسيح .

والأعجب من ذلك أن هناك نصوصا في العهد الجديد تؤكد بوضوح  أنها  كتبت بمعرفة يهود لم يحاولوا الادعاء أنهم مسيحيون ، فعلى سبيل المثال :

في متى 10 :5 وفي متى 15 :24 نجد عبارة "الخراف الضالة " ومن المؤكد أنها أضيفت بمعرفة اليهود حيث أن إضافتها للنص تعني أن عيسى المسيح لم يرسل لهم لأنهم ليسوا ضالين ولا خرافا (وقد سبق ذكر النصين ).والنص كما هو وارد في إنجيل برنابا " لم أرسل إلا لبيت إسرائيل" لقد أرسل لكل البيت ،الضالون منهم والذين يعرفون الحق ولا يتبعونه ، القادة والأتباع ، الشيوخ والأطفال .

كذا نجد في متى 1 :16 " ويعقوب ولد يوسف زوج مريم المولود منها يسوع" ونجد في لوقا 3 :23 " ولما بدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن عالي بن متات" وقد كانت هناك أقواس حول " على ما كان يظن "بما يفيد إضافتها بمعرفة الناسخين في القرون الخمسة الأخيرة للتوضيح في نسخة الملك جيمس ،ثم أزيلت في النسخ المرسلة لدول الشرق . أي أن النص الأصلي في كلاهما يؤكد أن المسيح هو ابن يوسف النجار وإن اختلف النصان في نسب الأخير .من ذا يقول بهذا غير اليهود ؟ والذين يقولون ،ويا لهول ما يقولون، أنه ابن زنى.

ومن المعروف كم سب المسيح وأظهر عداءه الشديد للكهنة والكتبة والفريسيين (متى 23 : 2 ـ7 و متى 23 :13 ـ33 )، وكيف بادلوه نفس العداء ،" حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب في دار رئيس الكهنة الذي يقال له قيافا . فتشاوروا أن يمسكوا يسوع بمكر ويقتلوه "( متى 26 :3 ،4 ) وفي بابها كثير ؛ ولكن إذا بنا نجد في إنجيل يوحنا 11 :49 ـ51" ..قيافا  كان رئيس للكهنة في تلك السنة أنتم لستم تعرفون شيئا ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها ولم يقل هذا من نفسه بل إذ كان رئيسا للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة" . هل من المعقول أن يكون رئيس الكهنة نبيا كما يقول النص ؟ وهو الذي قال عنه المسيح عليه السلام وعلى أتباعه الكتبة والفريسيين والكهنة ما قال ! أليس هو الذي تآمر مع الرومان على قتله ؟ألم يعلن المسيح عليه السلام صراحة أنه وأتباعه سيتكاتفون عليه (متى 16: 21 و 20 :18 وما يوازيها )؟ هل صحيح أنه علم بالوحي الإلهي أن المسيح يرغب في بذل نفسه عن الشعب ؟ أم كان قول رئيس الكهنة يعني أنه مزمع أن يقدم المسيح أضحية عن الشعب اليهودي ("خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب "لأن قتل كافر على ما يظن هو يعتبر قربانا لله )؟أم أن ذلك كان من قبيل قول عتاة المجرمين عندما يريدون قتل إنسان ما يفيد أنه ميت ميت ؟و أنهم إذ حكموا بموته جزاء ما قال فيجب اعتباره ميتا، وأنه إذ قال ما قال فقد حكم على نفسه بالموت؟

كما ورد في إنجيل لوقا 4 :13 "ولما أكمل إبليس كل تجربة فارقه إلى حين " ألا يعني هذا أنه عاد إليه بعد ذلك كما يدعي اليهود وكما هو ثابت في قولهم في مرقس 3 : 22 ولوقا 11 :15 و متى 12 : 24 "قالوا هذا لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين ".

 ولكن هل انقطع دور اليهود في المسيحية عند هذا الحد ؟ لا .فها هم يغرون بابا روما فيغير النصوص التي تفيد أن اليهود طالبوا بقتل المسيح ليستبدل بكلمة اليهود الرعاع.

السابق