نشرت بمجلة لواء الإسلام عدد يوليو وأغسطس سنة 1972

بسم الله الرحمن الرحيم

بنو إسرائيل وأرض الميعاد

إن لفظ بني إسرائيل في القرآن الكريم يعدل في مدلوله لفظ إسرائيل في الكتب العقائدية الأخرى (كتب اليهود والمسيحيين ) وهؤلاء هم المقصود ون بالبحث في هذه الدراسة.

بنو إسرائيل هم نسل يعقوب عليه السلام ، بشرهم موسى عليه السلام برسالته فآمن منهم من آمن وكفر منهم من كفر (ظلوا على وثنيتهم ) ، كما بشر من خالطهم (فرعون وقومه والسحرة ) كما بشر سليمان عليه السلام ملكة سبأ وشعبها وهم قطعا ليسوا من بني إسرائيل فأمن من آمن بالتوراة والزبور (كتاب داود عليه السلام ) فمن نسل هؤلاء وهؤلاء من يسمون يهودا وهم ليسوا من بني إسرائيل ـ كما يذكر العهد القديم أن أشعياء أحد أنبياء بني إسرائيل قد بشر أيضا في غير قومه . وكذلك عندما بشر المسيح عليه السلام بني إسرائيل آمن بعضهم وسموا مسيحيين . وعندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم آمن به من بني إسرائيل وأصبحوا يسمون مسلمين. أي أن هناك من بني إسرائيل اليهود والمسيحيين والمسلمين.

ولنا الآن أن نتساءل هل للانتساب الجسدي للأنبياء قيمة؟ والإجابة بالنفي فقد كان أبو إبراهيم كافرا ( قرآن كريم وعهد قديم ) وكان ابن نوح كافرا وكذلك كانت زوجنه (قرآن كريم ) وكانت امرأة لوط كافرة (قرآن كريم وعهد قديم ) كما ويذكر العهد القديم أن الله أهلك حفيدي يعقوب وابني هارون عليه السلام بذنوبهم كما أنه ورد بالعهد القديم أن موسى عليه السلام طلب من الله أن يحصر رحمته في بني إسرائيل فقال له الله العلي " أتراءف مع من أتراءف " أي ليس لفئة دون فئة على اختلاف نوع التقسيم ، بل لذي القلب السليم سواء أ كان من نسل فاجر كافر أم من نسل تقي مؤمن كما ورد العهد أيضا " النفس التي تخطئ هي تموت الابن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه " . وفي العهد الجديد وإنجيل برنابا نجد هذه الجمل : " لا تقولوا لنا إبراهيم أبا فالله قادر على أن يجعل من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم "" لا تقولوا لنا إبراهيم أبا بل أنتم من أب هو إبليس لأنكم لو كنتم أولادا لإبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم " هذا مع العلم بأن هاتين الجملتين موجهتان لفسقة بني إسرائيل وهم قطعا أبناء إبراهيم عليه السلام بالجسد  ويقول الله في القرآن الكريم "والله يختص برحمته من يشاء "ويقول رسول الله " لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى "كما قال أيضا " يا فاطمة بنت محمد اعملي فلن أغني عنك من الله شيئا .

ولنتساءل لمن تكون أرض المعاد ؟ لقد جاء بالعهد القديم أنها لأبناء إبراهيم وأنها من النيل إلى الفرات فلو كان المقصود أبناء الجسد فإن أبناء إبراهيم هم أبناء إسماعيل وإسحاق وآخرين فهي بذلك تشمل العرب وبني إسرائيل وآخرين وتكون النبوءة قد تحققت فعلا بالفتوح  الإسلامية .ولكن الأرجح أن يكون معناها الذين يتبعون دينه فهم أبناؤه حقا على حسب التعبير الذي سار على نهجه العهد القديم  إذا فالإجابة المنطقية على هذا السؤال أن أرض المعاد ستكون لمن يعبدون الله حقا ولو فرضنا جدلا أن للنسب قيمة وأن بني إسرائيل هم الذين سيرثون الأرض لقلنا أن بني إسرائيل ليسوا اليهود بمفهومهم الحالي ، كما سبق وبينا فإنه ليس للنسب قيمة حتى في الكتاب الذي يؤمن به اليهود أنفسهم .

كما أن الأرض الموعودة ستكون للذين سيظلون على دين الله قبل قيام الساعة وموعدها لا يعلمه إلا الله واليهود الآن هم منبع كل انحلال خلقي أو ديني وهم يعبدون مع الله عزبرا مدعين أنه ابن الله مع أن كل ما حدث له مخالفا للمعتاد أن الله أحياه بعد أن أماته مائة عام بل إن موته مرتين دليل على أنه لا يشبه الله الحي الذي لا يموت وبالتالي فلا يمكن أن يكون ابنا له فلا بد أن يشابه الابن أباه ، كما أن عزيرا لا يشبه الله في أي من الصفات السابق ذكرها.

فكيف يمكن بعد كل هذا أن يدعي اليهود أن الحرب التي يشنونها على العرب لغرض تحقيق ما جاء بكتابهم . إن حرب اليهود ( أو بالأحرى سكان إسرائيل ) مع البلاد العربية ليست إلا أطماع سياسية ولا علاقة لها بالدين.

أما أرض المعاد فسيرثها عباد الله الصالحين قبل قيام الساعة بصرف النظر عن نسبهم يقول الله تعالى في ذلك " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحين "

 

  السابق