نشرت بجريدة الأهرام بتاريخ 15 /5 /2000

                                              بسم الله الرحمن الرحيم

 

جلست إلى مائدة مغسولة ومجففة في انتظار الطعام ، فحطت أمامي ذبابة وما هي لحظات إلا ووجدتها تخرج فمها الذي يشبه مظلة مقلوبة وتلعق طعاما لا يمكن أن يراه الإنسان إلا بمجهر !! فكيف وبم استطاعت هذه المخلوقة الضعيفة إدراك وجوده ، فقلت سبحان الخلاق ، وهي لم تلعقه كما هو بل أفرزت عليه إنزيمات هاضمة ثم امتصت الناتج المهضوم . وتذكرت قول الله تعالى "وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه ضعف الطالب والمطلوب " ، فقد يمكن إنقاذ الطعام من فم الأسد كما حدث لذلك الصبي الذي أنقذه حارس الأسد بعد أن كاد يفتك بذراعه في حديقة الحيوان على ما نشرته الجرائد المصرية منذ أسابيع قليلة ، ولكن لن يمكن استعادة ما تأكله الذبابة لأنه هضم قبل أن يصل لجوفها . من ذا علم محمدا بن عبد الله هذه الحقيقة العلمية منذ أكثر من أربعة عشر قرنا وهو ما لم نعلمه إلا من نحو قرن من الزمان ؟هو الله العلام العليم . ولقد عاب الكفرة كيف يضرب الله الذباب مثلا فأنزل الله تعالى قوله "إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها " فيستدل من الآية أن الذباب أرقى من البعوضة وأن النمل والنحل وغيرهما مما ذكره القرآن الكريم من حيوانات أرقى من الذباب ومن البعوض ، وهو ما أثبته العلم بعد نزول القرآن الكريم بعدة قرون .وفوق كل ذي علم عليم .لقد حولت الذبابة الطعام المجهري إلى مكوناته الأساسية وبعد أن تستفيد منه فإنها تخرجه بصورة يمكن لمخلوقات أدنى منها أن تستفيد منها ويتحول في النهاية إلى ماء وغازات تبدأ دورة جديدة في الكون .واستيقظت من تأملاتي على صوت يقول "ألن تأكل ؟" فتذكرت الذبابة التي طعمت وانصرفت ، وسبحان الرزاق العليم .

 

                                                 

 

السابق