نشرت ببريد الأهرام بتاريخ 17 /9 /2000

                                                  بسم الله الرحمن الرحيم

                                                  التباين الوراثي

 لعقود كنت أتصور أن مراد الآية الكريمة " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " هو أن المعيار الوحيد للتفاضل بين الناس هو التقوى بصرف النظر عن أصلهم العرقي فقط ـ وهو ما يتفق مع المنطق والعدل الإلهي فلا يجوز بأي حال محاسبة الإنسان على ما لا حيلة له فيه (أصله العرقي ) ـ . ولكن تبينت أن الآية علاوة على ذلك تشير إلى إعجاز إلهي ألا وهو تعدد الشعوب والقبائل وما تتضمنه هذه وتلك من أسباط وعشائر وعائلات وأفراد . ولولا هذا ما عرف أي فرد من الآخر ، فلا يعرف الإبن أبوه ولا الزوج زوجته . فقد شاءت الإرادة الإلهية أن تتبدل الجينات داخل النطفة (فيما يعرف بالطفرات )لتعطي صفات شكلية جديدة حتى أنه لايوجد فرد يحمل نفس البصمة الوراثية لآخر حتى توأمه المتطابق .في ذات الوقت الذي تنتقل فيه الجينات التي تحكم النوع والصفات الإنسانية كما هي بدون تبدل أو تحور عبر عشرات الألوف من السنين . ويتم كل ذلك داخل الإنسان في نطفته سواء الذكرية أو الأنثية ،وكلاهما لا يريان إلا بالمجهر ،بدون أن يتدخل فيها الإنسان. وما يبذل من محاولات الآن في هذا المضمار تكتنفه مخاطر جسيمة فنقل جين من أو إلى جاميطة قد يصاحبه طفرة غير محسوبة النتائج ينتج عنها مسخ إنساني أو مرض عضال . ولقد وصف كتاب الله مكان نشوء الجاميطة الذكرية ـ بخلاف ما هو شائع ـ منذ أكثر من أربعة عشر قرنا في قوله تعالى " خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب " والمكان الذي تتدفق منه هذه الجاميطات بعد اكتمال نموها وصيرورتها حيوانات منوية ليس إلا مكان تخزين ،وهو ما أثبته العلم . كما بين القرآن الكريم أن الحيوانات المنوية هي المسئولة عن جنس الجنين وبالتالي الرجل وليس الأنثى كما كان شائعا آنذاك ، بل وبيّن آلية هذا . فسرعة وقوة التدفق تتحكمان في مكان وجود الحيوانات المنوية التي تحمل الذكورة والحيوانات المنوية التي تحمل الأنوثة للجنين وبالتالي تزيد احتمالية جنس عن جنس ، يقول الله تعالى " وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى ". ولعل تلك الشاعرة المسلمة قد فهمت من القرآن الكريم هذا الذي لم يدركه العلماء إلا بعدها بقرون فقد شبهت نفسها بالأرض التي تنبت بما يزرع فيها عندما عاب عليها زوجها أنها تنجب بناتا . ومحاولا تقليدها أقول للمهتمين بدراسة من هو فرعون الخروج ؟أن موسى عليه السلام وبنو إسرائيل قد عبروا البحر الأحمر على طول خط متجه للشرق وينتهي عند عيون موسى ، وقد نشأ لدي هذا الرأي من القرآن الكريم . فهل من باحث أثري يستكمل إثبات هذا الرأي؟

                                                                 

 

السابق