نشرت ضمن مقالة للأستاذ عزت السعدني بعنوان "ونفس وما سواها" بتاريخ   29/3 /1997

 

                                   بسم الله الرحمن الرحيم

 

كلما حدثت طفرة علمية تذكرت قول الله تعالى" حتى اذا أخذت الأرض  زخرفها وازّينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا" (يونس :24 ) فمن خلال مثل هذه الطفرات يصاب الانسان بالغرور في الوقت الذي لو أمعن فيها النظر لوجد ما فعله تافها يكاد يكون معدوما اذا قورن بما فعله ويفعله الله في أقل من لحظة .  علاوة على أن الانسان نفسه خليقة الله فكل ما يصنعه بالتبعية خليقة لله أيضا . من ذلك ما يسمى الاستنساخ ، ففيه أمكن للعلماء تحويل نواة خليه جسمية من خلال زرعها في خلية أنثية ايهام الأخيرة بحدوث تزاوج وبالتالي تبدأ في الانقسام مكونة جنينا . هذا عن الأجنة الحيوانية ؛ أما الجنين الانساني فالأمر يختلف ان كل انسان يولد هو خلق جديد لله ،يقول الله "ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين" (المؤمنون :14) ذلك أنه عند بلوغ الجنين سن أربعة شهور تفريبا ينفخ الله فيه من روحه (السجدة :9 ) . وبدون هذه النفخة لاتستمر حياة الجنين ، بل وربما تتوقف الأنسجة عن النمو وتموت هي الأخرى. وما سماح الله لمثل هذه الطفرات العلمية بالحدوث الا ليزيد الكفار كفرا  فيستحقون بالتالي أهوال الساعة التي تفوق كل ما أنزل الله من عذاب على الكفار  منذ أن خلق السماوات والأرض .                                                             والحياة درجات متفاوتة تفاوتا بعيدا ، فالله هو الحي لأنة سرمدي أما من مات أوسيموت فهو ميت وتعني كلمة سرمدي أنه جل وعلا لا بداية له ولا نهاية ، لم يولد ولم ولن يموت ، خالدا بذاته . وكل ما عداه مخلوقاته خلقها فكانت لها بداية ، وستكون لها نهاية. وقد خلقت الملائكة من نور وتقدر أعمارهم بملايين السنين ، والجن خلق من النار و تتراوح أعمارهم من مئات الألوف  الي بضع ملايين من السنين ، فقد خلق ابليس قبل آدم عليه السلام  وسيموت عند قيام الساعة " قال امهلني الى يوم يبعثون قال انك من المنظرين " . أما الانسان فلم يرد أنه  زاد  عمر أي من البشر على الأرض أكثر من ألفي عام . وان كانت هناك حياة أخرى للبشر وللجن  تبدأ بعد يوم القيامة هي حياة بلا نهاية ,فبينما تسمو حياة المؤمنين فيها على حياتهم في الدنيا سموا كبيرا ؛ يسمو الجماد على حياة الكفرة في هذا اليوم ، فما حياتهم هناك الا ليذوقوا العذاب المؤدي للموت في لحظة ثم يببعثون لكي يعانوا نفس العذاب مرات ومرات لاتنتهي . ورغم أن الانسان خلق من طين الأرض شأنه شأن الحيوانات  والنباتات ، الاأن الله خصه بنفخة من روحه هي التي جعلت له كيانا مستقلا عن الآخرين له فكره ورغباته ، فان أحسن استغلالهما أدرك ألوهية الله فعبده وحمده  ، فأدخله الله في رحمته  ـ الجنة ـ . أما ان استعملها للتكبر على خلق الله فموعده جهنم بلا شك . ولن يمكن للعلماء مهما حاولوا  أن يستعيضوا بأي طريقة عن هذه النفخة الالهية  فينتجوا مولودا بشريا حيا ، رغم ما أمدهم الله به من علم ومن أنسجة ومن مواد ، فالخلق هو الانشاء من عدم وليس اعادة تركيب مكونات أيا كانت .  

                                                                    

 

  

 

السابق