نشرت في مجلة المجتمع بالكويت بتاريخ 24/6/1973

ذكر الله والصلاة

 

 

" وأتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون " ( سورة العنكبوت : 45 ) تنبه هذه الآية كما ينبه كثير غيرها إلي ضرورة الصلاة وقد حددت الشريعة الإسلامية مواعيد الصلاة وأركانها ولكن موضوعنا هنا هو دراسة ما هي الصلاة وما هو الذكر ؟

إن الصلاة في الشريعة تعني صلة الله بمخلوقاته أو صلة عباد الله ببعضهم أو صلة مخلوقات الله به .

أما في المعنى الأول و الثاني فيلزم أن يقرن بها الحرف ( على ) فإذا قال الله تعالى :

" إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما "(سورة الأحزاب :56 )فإن هذا يعني أن الله يصل عبده محمدا بالرحمة ،فالرحمة هي ما يصل الله بها الخالق مخلوقاته والتي بها خلقهم وبها يهديهم إلي الدين القويم ، وهذه هي الرحمة الحقيقية التي تمكّن عباد الله وكلهم خطاءون من التوبة وبالتالي بلوغ الجنة، وقوله تعالى "وملائكته يصلون على النبي " فهذه تدل على أنه جل وعلا أمر ملائكته أن يدعو الله ليغفر للرسول وليرحمه فيستجيب الله لدعائهم ، وقوله " يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"  فهذه أمر من الله لعباده المؤمنين أن يدعو الله ليغفر ويرحم رسوله صلاة الله وسلامه عليه. وبدعاء عباد الله الصالحين والملائكة والبشر سيبلغ محمدا رسول الله ذلك المقام المحمود الذي ووعده الله به عدلا ورحمة من الله في نفس الوقت فإن النبي اللهم صلي عليه وسلم إذ استفاد بكل طاقته الإنسانية المحدودة والتي وهبها الله له في عبادة وحمد الله ،فإن الله برحمته أمر عباده بالدعاء له بالرحمة والغفران محتسبا هذا الدعاء لرسول الله عبادة وحمدا فبذا تعدل عبادته وحمده ذلك المقام المحمود.

وقد ذكر القرآن الكريم أن الله وملائكته يصلون على غير الرسول ـ إذ يقول الله تعالى " هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما" (سورة الأحزاب :43 ) ومعناها لا يخرج عن المعنى السابق في الكيفية وإن قلّت بطبيعة الحال في الدرجة.

ويكمن في هذا المعنى قراءة القرآن المجيد فإن المسلم إذ يقرأه يصل بين خالقه و نفسه و بموجب هذه الصلة يهديه الله من بعد إذنه إذا قرأه مقدّرا أنه من لدن خالقه رب العالمين و الذي شاءت رحمته أن نتمكن نحن البشر الضعفاء أن نسمع صوت جلاله بلغة نستطيع أن نتفهمها . وتبين الآية 45 من سورة العنكبوت أن تلاوة القرآن الكريم هو ذلك الذكر الذي هو أكبر من الصلاة .

كما أمر القرآن الكريم النبي بالصلاة على قبور المسلمين " وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم "،" خذ من  أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم *أ لم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة من عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم " ( التوبة : 103-104 ) كما نهاه عن الصلاة على المشركين والمنافقين "ولا تصلّ على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون " ( التوبة : 84 ) وعلى المسلمين ليتبعوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نفعل فعله ونقول قوله ، فندعوا بالرحمة و البركة و المغفرة للمسلمين وألا نستغفر أو ندعو للمشركين ولو كانوا أولي قربى " ما كان للنبي والذين آمنوا معه أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم و ما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه إن ابراهيم لأواه حليم " ( التوبة : 113 ، 114 ) وما سبق هو معنى قولنا في ختام التشهد إذ نقول ( اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ..) فليس المقصود بها أهل محمد صلى الله عليه وسلم ولا أهل إبراهيم عليه السلام إذا لشملت أبو إبراهيم وهو ما توضح الآية السابقة أن الاستغفار له غير جائز ، بل إنها تعني الذين على دين محمد رسول الله والذين هم في ذات الوقت على دين إبراهيم عليهما السلام أما للمعنى الثالث فتقرن كلمة الصلاة بحرف - ل - أو بدونها ،فالمسلمون يصلون لله ويقرؤون الفاتحة لله فيها يخاطبونه حامدين له مكبرين له داعين إياه . ألا له وحده الحمد و التكبير و التعظيم . وإذ نكبره ونعظمه فلابد أن نثبت هذا التعظيم لا بالقول وحده بل بالحركة أيضا فنركع ونسجد ونحمده وندعوه وقوفا أو جلوسا بسورة الفاتحة أو بقول من أقوال الرسول صلاة الله وسلامه عليه .

وقد أثبت السنة المحمدية ترتيبا معينا لهذه الحركات وما يقال في خلال كل حركة منها . وليس هنا مجال التفصيل فيما لا يجهله أي مسلم كما لا يجهل أهمية الصلاة .

هذا وقد فرضت الصلاة أولا على عهد إبراهيم عليه السلام أما من سبقه من أنبياء فقد كانوا يعبدون الله ولكن لم يرد تسمية عبادتهم هذه صلاة ولعلها كانت ذكرا فقط . والصلاة في الواقع ما هي إلا نوع من الذكر ولكنها تتضمن تلك الحركات السابق التنويه عنها إذ يقول الله تعالى لموسى عليه السلام "إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري " ( طه : 14 ) ولعل الصلاة على أيام إبراهيم عليه السلام كانت تتضمن تلاوة الآيتين " قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين ، لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين " ( الأنعام : 162 ) يستدل على ذلك من الآية السابقة لهما " إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين " ( الأنعام : 161 ) ومن أن إبراهيم عليه السلام هو أول المسلمين كما يتبين من " ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل " ( الحج : 78 ) . كما يبدو أن صلاة إبراهيم عليه السلام كانت تتضمن أيضا " إني وجهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا وما أنا من المشركين "( الأنعام : 79) فهي من قوله في القرآن الكريم ومما يدلل على أن الآيات الثلاث كانت ضمن صلاة إبراهيم عليه السلام ما ورد من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ هذه الآيات قبل الفاتحة في صلواته .

أما الصلاة على سنة موسى عليه السلام فلا نستطيع أن نستنتج كيف كانت خاصة واليهود يضعون ستارا حديديا على عقائدهم ومناسكهم حتى لا تكون محلا للنقد وان كانت هي في جملتها منتقدة بسبب ما أحدثوه من تزييف وتحوير في رسالتي موسى وداود عليهما السلام ونبوات أنبيائهم ، فقط يكتفون بالتملق في الخفاء للمسلمين من جهة وللمسيحيين من جهة أخرى ، وتعميق الخلافات بينهما . ولا بد للفكر الإسلامي أن يكسر هذا الستار خاصة لما لعقائد اليهود من أثر على تصرفاتهم السياسية ولا يعبر العهد القديم إلا عن جزء صغير من عقائد اليهود وذلك لما وجدوه فيه من تمجيد لله رغم ما أصابه من تزييف كثير فتركوه مستعملين التلمود بدلا منه والذي يكاد يكون كله من تأليفهم هم على قول أكثر الذين اطلعوا عليه . ولكنه من المؤكد أن صلاتهم كانت تتضمن سجودا إن لم يكن ركوعا أيضا . أما الصلاة على سنة المسيح عليه السلام فيمكن القول أنها كانت قولهم " أيها الرب إلهنا ليتقدس اسمك القدوس ليأت ملكوتك فينا لتنفذ مشيئتك دائما كما هي نافذة في السماء لتكن نافذة كذلك على الأرض اعطنا الخبز لكل يوم واغفر لنا خطايانا كما نغفر نحن لمن يخطئون إلينا ولا تسمح بدخولنا في التجارب ولكن نجنا من الشرير  لأنك أنت وحدك إلهنا الذي يجب له المجد والإكرام إلى الأبد." وهذا النص عن إنجيل برنابا ، وقد وردت صيغة الصلاة في العهد الجديد (أناجيل المسيحيين ورسائل قديسيهم) شبيهة بهذا النص مع فروق قليلة إذا استعملنا للمقارنة الطريقة اللفظية. ومن المؤكد أن صلاة المسيح عليه السلام كانت تتضمن ركوعا وسجودا كما أكد القرآن الكريم عند حديثه عن صلاة مريم رضوان الله عليها "أقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين"(آل عمران :42 ) وذكر ذلك إنجيل برنابا ووافقه العهد الجديد (متى 26 :39 ،مرقس 14 :35 ،لوقا 22 :41 ،44 ) وقد وردت نصوص أخرى لصلوات المسيح عليه السلام في المناسبات المختلفة في إنجيل برنابا وأناجيل المسيحيين .

وقبل أن نتعرف على معنى الذكر لا بد أن نعرف مكانه في العبادة فرغم أهميته البالغة فإنه لا يغني عن الصلاة ولذا ففي الآية 45 من سورة العنكبوت يقول الله تعالى " أقم الصلاة ... ولذكر الله أكبر".

لقد ورد الذكر في عديد من الآيات القرآنية ،وفي أكثر من عشر آيات منها كان المقصود به حتما القرآن الكريم، أما الأمر بالذكر والنهي عن اجتنابه فقد ورد في قرابة المائة آية . أدون هنا بعضها ـ " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا "(البقرة :200 )، "واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار "(آل عمران :41 )،" الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض " ( آل عمران : 191 ) " فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا وعلى جنوبكم "( النساء : 103 ) " واذكر ربك في نفسك تضرعا و خيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين " ( الأعراف : 205 ) " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون "( الأنفال : 2 ) " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون "( الأنفال : 45 )

" الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب "( الرعد : 28 ) "ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم اله واحد فله اسلموا وبشر المخبتين* الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و الصابرين على ما أصابهم والمقيمين الصلاة ومما رزقناهم ينفقون "( الحج : 34 ، 35 ) " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" (الحج :40 )"في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال *رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار" (النور :36 ،37) "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما"(الأحزاب :35 ) ويلاحظ أن الذاكرين والذاكرات في أعلى الرتب.،" يا أيها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا " ( الاحزاب : 41 ) " الله نزل احسن الحديث كتبا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلي ذكر الله "( الزمر : 23 ) "أ لم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون "( الحديد : 16 ) " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون* فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون "( الجمعة : 9 ، 10 ) " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون" ( المنافقون : 9 ) " واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا " ( الإنسان : 25 ) .

ومما سبق من آيات ومن غيرها ترى بوضوح أهمية ذكر الله في العقيدة الإسلامية ، وقد سبق بيان أن أول الذكر هو قراءة القرآن الكريم وثانيه هو الصلاة لله أما ثالثه فهو خلال

الكلام والعمل مع المخلوقات .

وأضرب ثلاث أمثلة من القصص القرآني الذي ما أدرجه الله في القرآن الكريم لتتمتع بأسلوبه القصصي ولا بحبكته الروائية بل بما يتضمنه من مواعظ وقدوة حسنة يجب إتباعها. يقول الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام " قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون * قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون"( يوسف :13 ،14 )، وألقى اخوة يوسف أخاهم في الجب وانتشلته القافلة وباعته للمصريين وراودته  زوجة سيده عن نفسه ثم أتهم زورا بأنه حاول اغتصابها وسجن. وفي السجن رأى زميلاه حلمين ففسرهما لهما ، وبعد أن فسرهما لهما يقول الله تعالى " وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فانساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين "(يوسف :42 ).إذا فهذا هو سبب بقاء يوسف في السجن بضع سنين رغم براءته. إنه بدلا من أن يذكر ربه الله الذي لا إله إلا هو ذكر رب الوثني رب رفيقه في السجن طامعا أن يخرجه من السجن، ويقول بعض المفسرين أن هاء الضمير في "أنساه الشيطان ذكر ربه "تعود على زميل يوسف عليه السلام وأسألهم من الذي لبث في السجن بضع سنين هل هو يوسف عليه السلام أم زميله، إن هاء الضمير هنا لا يمكن أن تعود إلا على يوسف عليه السلام .ثم تمضي سورة يوسف في رواية القصة فيقول الله تعالى عن يعقوب عليه السلام " وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم * قالوا تالله تفتا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين *وقال إنما أشكو بثى وحزني إلى الله واعلم من الله ما لا تعلمون " ( يوسف : 84 ـ 86 ) وهنا تلاحظ فرقا بين قول يعقوب هذا وقوله في الآية 13 السابق ذكرها ، وهو انه اعتمد في الآية 13 على وجود اخوة يوسف معه وانه فيها لم يذكر الله خير الحافظين وكانت النتيجة أن الله عاقبه بفقد اعز أبنائه إليه كما تبين الآية 8 من السورة نفسها مما جعله يحزن طوال سني فقده ورغم علمه أنه سيعود في النهاية، وقد أدرك يعقوب عليه السلام خطأه يتبين ذلك من قوله كما أورده القرآن الكريم " وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شئ إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون* ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شئ إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون " (يوسف :67 ،68 )، ومن قوله " يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"(يوسف :87 ).

ونجد المثل الثالث عندما علّم الله رسوله بقوله تعالى " ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي إلى أقرب من هذا رشدا"(الكهف :23 ،24 ) وقصة هذا أن اليهود سألوا رسول الله في مسألتين فأجابهم الرسول بأنه سيجيبهم غدا ولكن انقطع الوحي ولم يأته من لدن الله تعالى الإجابة التي كان يتوقعها وفرح اليهود فقد انتصروا على رسول الله ولم يستطع إجابتهم ، ثم نزل الوحي برد المسألتين وبسبب تأخر الوحي على رسول الله ذلك أنه لم يقل إن شاء الله .

ثم أقول أن كل الأعمال الصالحة إنما هي ذكر لله نستجيب فيها لأوامره وننتهي عما ينهانا عنه. إذا هذا هو ذكر الله أن نتذكره في أفكارنا وفي أقوالنا وفي أعمالنا، ألا نغفل عن ذكره أبدا، لأن نعمه تأتينا في كل حين، وقوته ظاهرة للعيان على الدوام .

 

السابق