حول إنجيل برنابا

ليس من تأليف المسلمين .. و هذا هو الدليل

بالإشارة إلى المقال المنشور بالعدد 108 من مجلتكم الصادرة في 30 جماد أول سنة 1392 الموافق 11 يوليو سنة 1972 بخصوص إنجيل برنابا فإني أحب أن أضيف ما يلي : في أثناء رسالة المسيح عليه السلام ظهرت فتنة في شخصه فظن البعض أنه إله وظن آخرون أنه ابن الله وعلم آخرون أنه نبي مرسل من الله . و لما كثر اللغط حول هذا الموضوع خطب المسيح عليه السلام في الجمع الهائل الذين أتوا ليروه ليقول لهم أنه ليس إلا إنسان مستدلا على ذلك مما ورد في التوراة ( التي كانت موجودة آنذاك ) من صفات الله جل وعلا فهو لا بداية له ولا نهاية وأنه خالق كل شئ بكلمته فقط و أنه لا يرى و أنه محجوب عن عقل الإنسان لأنه غير متجسد و غير مركب وغير متغير وأن سماء السموات ( المقصود بها الجنة ) لا تسعه لأنه غير محدود و أنه لا يأكل و لا ينام و لا يعتريه نقص وأنه في كل مكان ولا إله سواه الذي يضرب و يشفى و يفعل كل ما يريد وأمّن كبير الكهنة على كلامه وهنا حدثت قصة المائدة التي أوردها القرآن الكريم وأناجيل المسيحيين تأكيدا من الله تعالى لكلامه هذا ومع هذا فإن كثيرا من بني إسرائيل ظلوا على الاعتقاد أن المسيح ابن الله أو أنه إله.

ولما  كانت النصرانية قد اضطهدت في قرونها  الأولى إذ أن الوثنيين الرومان كانوا يحتلون فلسطين آنذاك فقد كانت الدعوة للمذاهب المختلفة سرية ولما خف الاضطهاد جاهر  كثيرون بإنسانية المسيح عليه السلام فاضطهدهم الوثنيون وكان أبرزهم هو آريوس ، وعقد مجمع نيقية بدعوة من قسطنطين الروماني لتحديد شخصية المسيح ولما فشلت حججهم في إقناع آريوس وأتباعه قال بطريرك الإسكندرية أنه رأى حلما يقول له فيه المسيح عليه السلام أن آريوس يقطع ثوبه وفسّر حلمه هذا ـ الذي لم يره غيره !!ـ أن آريوس حرّف الإنجيل بقوله أن المسيح عليه السلام مجرد إنسان وبناء عليه كفّر هذا المجمع آريوس . وقد كان لآريوس مشايعين في فلسطين ومقدونية والقسطنطينية وفي كنيسة أسيوط ، وهي في الواقع المناطق التي بشّر فيها المسيح عليه السلام وتلاميذه مما يؤيد أن رأي آريوس هو الصحيح. ثم ظهر بعد آريوس بعض المصلحين أمثال الأسقف نسطور و تبعه النساطرة ويوحتا مارون وتبعه المارونيون و كلاهما أقرب إلى الحقيقة من الطوائف النصرانية الأخرى . كما أن هناك طائفة تدعى طائفة الموحدين موجودة في أوروبا و أمريكا حتى الآن تؤمن بإنسانية المسيح عليه السلام . و لعل آريوس هو الذي أسماه الأب فراميرينو ( مكتشف النسخة الأصلية لإنجيل برنابا ) آريانوس وأنه كان يدين بإنجيل برنابا . ولم يكن إنجيل برنابا الوحيد من حوالي 300 إنجيل ظهرت وأحرقتها الكنيسة الرومانية الذي تحدث عن وحدانية الله وهناك على سبيل المثال إنجيل الطفولية ولكنه لم يكن له حظ النشر كإنجيل برنابا . ويدّعى المستشرقون أن إنجيل برنابا من وضع أحد المسلمين وهى دعوى واهية فإننا إذا قارنا إنجيل برنابا بكل إنجيل من أناجيل المسيحيين الأربعة وجدناه يتفوق عليها في بيانه لكل الأحداث التي حدثت أيام المسيح عليه السلام مما يدل على دراية كاتبه بحياة المسيح عليه السلام أحسن من تلاميذ المسيح المقربين كمتى ويوحنا وتلاميذهم كمرقص ولوقا ونجده شديد الجهل بتاريخ حياة محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك ما قاله على لسان المسيح عليه السلام لتلاميذه من أنه صلى الله عليه وسلم ( يأتي بعدكم بعدة سنين ) وهي في لغة العرب تعني ما لا يزيد عن 100 سنة في حين أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم كما هو معروف كانت بعد رسالة المسيح عليه السلام بأكثر من 600 سنة .. كما ورد به أيضا أن النبي سيحارب النصارى والواقع أن النبي لم يحارب النصارى طوال حياته . وفي دراستي لما ورد عن برنابا في الكتاب المقدس للمسيحيين وجدت أنه بشر بالإله الذي لا يتألم الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر .. (أعمال الرسل 14 : 15 - 18 ) وأنه كان يبشر بضرورة الختان فعارضه بولس في ذلك فانفصل عنه . ويناقض إنجيل برنابا في بعض أقواله القرآن الكريم أن المسيح عليه السلام كلم الناس في المهد فإن إنجيل برنابا يقول أن ذلك من قبيل الوحي في حلم - ويظن أن الله كلم الحواريين ليأمرهم بالإيمان بالمسيح عليه السلام مع أن الواقع أن ذلك كان من قبيل الوحي فقط كما لم يذكر عدة معجزات أتمها الله على يد المسيح عليه السلام وذكرها القرآن الكريم . كما قال أن الله أمر الملائكة أن يسجدوا للطينة التي خلق منها آدم بينما يؤكد القرآن الكريم أن السجود كان لآدم بعد إتمام خلقه ( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة أسجدوا لآدم)  ( سورة الأعراف : 11 ) ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) ( سورة الحجر : 29) وكل ما سبق يدل دلالة واضحة على أن إنجيل برنابا من وضع برنابا تلميذ المسيح عليه السلام لا من وضع مسلم كما يدعون . وقد قمت بعرض جديد لإنجيل برنابا بعد أن حققته تحقيقا عقائديا شاملا وأرجو من الله أن ينشر قريبا . والسلام عليكم  ورحمة الله وبركاته.

      

السابق