نشرت ببريد الأهرام بتاريخ 23 /7 /2003

 

هذا اجتهادي

 

تعرض الدكتور زغلول النجار لشرح سورة التين وأسهب في القيمة الغذائية لكل منهما. بيد أن لي اجتهادا ـ أرجو من الله أن يكون صحيحا ـ في فهم الآيتين الأوليين منها .فالمعروف أن كلا من التين والزيتون ينموان في التربة الضعيفة ، ولكن هناك فروقا بينهما، فبينما شجرة الزيتون تزرع غالبا بالبذرة وهي معمرة ، فإن نبات التين يزرع بالعقلة و يحتاج للتقليم الجائر(إزالة جزء كبير من فروعه ) ليثمر كما أنه ليس معمرا كالزيتون . وقد شبه الله في القرآن الكريم عباده المؤمنين بالأشجار في قوله تعالى" ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ على سوقه .." . وكما في قوله تعالى :" ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ". وفي الإنجيل رمز لبني إسرائيل في مواقع كثيرة بالأشجار وبشجرة التين بصفة خاصة منها ما ورد في متى 7: 16 ، متى 13 :8 ، ومتى 24 :32 ,مرقس 13 :28 ، لوقا 13 :6 ، لوقا 21 :30 ، متى 21 :42 ، 43 ، وتهديد الذين لا يؤمنون من بني إسرائيل بالمسيح عليه السلام، بزوال نعمة الله عليهم بالأنبياء إلى غيرهم (متى 3 : 10 ، لوقا 3 :9) ، وبأن تصير لعنتهم أبدية ( مرقس 11 : 14 ، متى 21 :19).فإذا كان ذلك هان علينا أن نفهم أن شجرة الزيتون في الآية إنما ترمز لبني إسماعيل أولئك الذين حافظوا على المناسك التي ورثوها عن أبيهم إسماعيل حتى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، بينما كان بنو إسرائيل يهجرون دينهم مرات ومرات ويعيدهم الله من فضله إلى جادة الطريق بما يرسله لهم من أنبياء ومن تعريضهم للاضطهاد  وبنقلهم إلى تربة جديدة ( أرض جديدة مرة في مصر ومرة في فلسطين ومرة في بابل ...). إذا فهناك تشابه بين شجرة الزيتون وبني إسماعيل، وهناك تشابه بين شجرة التين وبني إسرائيل من جهة أخرى وقد حبا الله الفريقين برعايته كل بطريقة مختلفة تتناسب مع شخصيتهما، استجابة لدعاء أبيهما إبراهيم " رب اجعل هذا البلد آمنا  واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ". ولكن ما أشد لعنة الله للذين لم يستجيبوا منهم لأنبيائه، فبقدر ما تكون النعمة تكون النقمة.

 

السابق