نشرت ببريد الأهرام بتاريخ 1 / 10 /2003

 

معجزة المعجزات

 

مما يلفت النظر أن هناك سورة في القرآن اسمها "الإسراء" بينما لم يرد لفظ المعراج في القرآن الكريم ، مع أن معجزة المعراج أقوى بكثير من معجزة الإسراء. حقا لقد كان الإسراء من مكة للقدس في حكم المستحيل بالسرعة التي تم بها بمقاييس زمنها، ولكنه الآن لا يدخل في نطاق المستحيل حيث أن الصواريخ العابرة للقارات تعبر هذه المسافة في ثوان. أما المعراج فإن المسافة التي عُرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم تقاس ببلايين السنين الضوئية. أي أنه تم بسرعة لم ولن يصل إليها الإنسان – أكثر من مكعب سرعة الضوء -. ولكنها لدى الله ليست إلا كن فكان. لقد نقل جني عنده علم من الكتاب عرش بلقيس من سبأ ـ ليس كل الكتاب ـ إلى القدس في أقل من طرفة عين ، فكيف بالله خالق الإنس والجن والملائكة . كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعراج حظي بما لم يحظ به أي من البشر فقد رأى ربه كما سيراه أهل الجنة إذ تجلى بذاته العلية على سدرة المنتهى فأضاءت بنور ربها . وبينما  لم يتحمل جبل الطور هذا التجلي فخرّ كما خرّ موسى صعقا فإن هذه السدرة قد احتملت هذا التجلي. لنعد لما يعنيه لفظ الإسراء لغويا لعلنا نظفر بالسبب. جذر الاسم هو فعل سرا ، وله معنيان أحدهما السير بالليل والآخر إدخال البشر والسعادة فهل يمكن أن يكون معنى لفظ الإسراء في الآية الأولى من سورة الإسراء بالمعنى الثاني فهي بهذا تشمل كلا من الذهاب والعودة من القدس والصعود إلى الجنة والعودة في ذات الوقت؟ ربما يؤيد هذا الفهم أن كلمة أسرى وحدها تعني السير بالليل ولكن الآية بها أيضا كلمة " ليلا " فهل هو تكرار للتأكيد أم أن لفظ أسرى هنا يعني إضفاء السرور على النبي في العام الذي وصف بعام الحزن ، و كأن الله يقول له إن كنت قد فقدت أفضل معينين لك من البشر أبو طالب وخديجة رضي الله عنها فإن الله حي لا يموت .  ولكن من ناحية أخرى فإنه قد تم تكريم واقعة المعراج بأن جعل الحوار الذي تم فيها بين الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلوات تسع مرات على الأقل يوميا ( النصف الأول من التشهد ) وما أمَّنت به الملائكة عليهم السلام من دعاء للنبي خمس مرات يوميا على الأقل. (النصف الثاني من التشهد ).

 

 

السابق